تفاصيل الهجوم وتوقيته
تعرض مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في طهران لهجوم جوي إسرائيلي مساء يوم الأحد 15 يونيو 2025، حيث استهدفت طائرة بدون طيار الجناح الشرقي للمبنى عند الساعة السادسة وخمس وأربعين دقيقة مساءً بتوقيت القاهرة، ما أسفر عن انفجار عنيف هزّ أرجاء الحيّ المكتظ بالسكان والجهات الحكومية المجاورة.
الموقع وطبيعة الأضرار
وقع القصف على الطابقين الثاني والثالث من مبنى البث المباشر، ما تسبّب في انهيار جزئي للجدران الخارجية وتحطم نوافذ الاستوديوهات، وسط تصاعد أعمدة الدخان الأسود بكثافة من موقع الانفجار، فيما أظهرت مقاطع الفيديو تضرر الجزء المخصص لمراقبة البث وتحكم الإرسال.
استشهاد الموظفة وهويتها
أسفر الانفجار عن استشهاد موظفة تعمل في قسم التحرير والتصوير داخل الهيئة، وهي السيدة “هدى مرادي”، التي فارقت الحياة متأثرة بجروح بالغة في الصدر والرأس، بعد أن لم تتمكن من الخروج من المكان قبل وصول فرق الإنقاذ، كما جُرِح ستة من زملائها بينهم مصور ومهندس صوت.
عمليات الإنقاذ والإسعاف
هرعت فرق الدفاع المدني والإسعاف الوطني إلى موقع الحادث فور ورود البلاغ، حيث شرعت في انتشال الجثث وتقديم الإسعافات الأولية للمصابين، ثم نقلتهم إلى مستشفى “كوشك شهيد” القريب، وأكدت التقارير الطبية وفاة الموظفة قبل وصولها إلى غرفة الطوارئ، فيما لا تزال ثلاثة حالات حرجة تحت المراقبة المكثفة.
عودة البث واستمرار القنوات
رغم انفجار الاستوديوهات، أعلنت إدارة الإذاعة والتلفزيون إعادة البث بشكل جزئي بعد نحو ساعتين من توقفه، عبر قنوات الثانوية والبث الإقليمي، بينما ظلّت قناة الأخبار الرسمية معطّلة حتى الساعة العاشرة مساءً، ليتم التحول فيما بعد للبث عبر منصة الإنترنت لتجاوز مشكلة التلفاز الأرضي.
موقف السلطات الإيرانية
اعتبرت وزارة الخارجية الهجوم خرقاً صارخاً للقوانين الدولية وتهديداً لأمن البث الإعلامي المدني، حيث استدعت السفير السويسري بصفتها الضامن لاتفاقية فيينا للتنديد بالهجوم، وأعلنت عن تقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي، مطالبةً بمحاسبة الجهة المنفذة على تصعيد التصعيد الأمني في المنطقة.
تصريحات إدارة الإذاعة والتلفزيون
شجّعت الإدارة الموظفين على مواصلة العمل رغم الظروف الصعبة، مؤكدةً أن الجريمة الإسرائيلية تهدف إلى بثّ الرعب وتعطيل دور الإعلام الوطني، وشددت على أنها ستعيد تشغيل جميع القنوات والمسارات التقنية خلال أيام، وذلك بالتعاون مع خبراء صيانة المعدات وأجهزة البث الاحتياطية.
دوافع الهجوم وأهدافه
يعتقد محللون أن الهجوم جاء في إطار سلسلة من الضربات الاستباقية الإسرائيلية ضد المؤسسات الإيرانية، بهدف زعزعة الجبهة الداخلية وقطع أساب بقاء البث الرسمي، كما قد يستهدف تجميع معلومات استخباراتية حول الكوادر الإعلامية لكبح انتشار الرسائل الحكومية الداعمة للمقاومة.
ردود الفعل المحلية
انطلقت موجة تضامن واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استخدم المغردون هاشتاجات تأبين للموظفة واستنكاراً للهجوم، فيما طالب نشطاء حقوقيون بمساءلة المحكمة الجنائية الدولية، فيما اكد سياسيون من التيار المحافظ أن الإعلام كان ولا يزال ركيزة أساسية في مواجهة العدوان.
الموقف العربي والدولي
أدانت جامعة الدول العربية الهجوم وأعربت عن تضامنها مع إيران في “محنتها الإعلامية”، بينما دعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى ضبط النفس وتفادي التصعيد إلى مواجهة شاملة، فيما طالبت الدول الأوروبية بنشر تحقيق فوري يكشف ملابسات الهجوم وتحديد المسؤولين عنه.
تأثير الحادث على الرأي العام
يخشى مراقبون أن يؤثر هذا التصعيد على ثقة المواطنين بقدرة الدولة على حماية المؤسسات الحساسة، لاسيما مع التهديد المتكرر لأمن الإعلام، ما قد يدفع الإعلاميين إلى نقل مقار عملهم إلى مبانٍ آمنة أو حتى إلى الخروج من البلاد لحين تحسن الأوضاع الأمنية.
تطورات تقنية وتعزيز الحماية
أعلنت الهيئة عن خطة عاجلة لتعزيز منظومة الحماية الإلكترونية والفنية للمبنى، تضمنت تركيب أنظمة صواريخ أرض-جو قادرة على اعتراض الطائرات المسيّرة، إلى جانب نقل بعض الأقسام الحيوية إلى مواقع بديلة مؤقتة خارج العاصمة لضمان استمرارية البث.
مسارات التحقيق والمتابعة
فتحت النيابة العامة تحقيقاً موسعاً في الحادث، بحضور خبراء متفجرات وجهاز الأمن الداخلي، لتحديد نوعية القذائف المستخدمة ومسارها، إلى جانب جمع تسجيلات كاميرات مراقبة الشوارع المجاورة، وذلك تمهيداً لإحالة القضية على الجهات الدولية المختصة.
سيناريوهات التصعيد المحتمل
مع ارتفاع منسوب التوتر، يخشى محللون من أن يؤدي هذا الهجوم إلى سلسلة انتقامات إيرانية قد تشمل استهداف قواعد عسكرية إسرائيلية في سوريا أو العراق، وكذلك شن هجمات إلكترونية على المنظومات الإسرائيلية، ما يزيد المخاطر الأمنية في منطقة الشرق الأوسط برمّتها.
دعوة لتوحيد الصفوف
دعت شخصيات دينية وسياسية في إيران جميع أطياف المجتمع إلى التوحد خلف قيادتها في مواجهة “العدوان الخارجي”، مؤكدين أن الإعلام الوطني سيظل منارة الحقيقة وصوت شعبٍ يرفض الإذعان لأي عدوان، مطالبين بزيادة الدعم المادي والمعنوي للعاملين في المؤسسات الإعلامية.
استشراف المستقبل وأهمية الإعلام
يؤكد خبراء أن حماية الإعلام واستمرارية البث الرسمي يُعدّان من أهم عوامل الثبات الوطني في زمن الأزمات، حيث يساهم البث المستمر في نقل صورة البلاد للعالم وتوضيح الحقائق، ما يخفف من التضليل ويعزز التضامن الشعبي مع الجبهة الداخلية.
تبقى استشهاد الموظفة “هدى مرادي” وجراح زملائها دليلاً قاطعاً على المخاطر التي يواجهها الإعلاميون في مناطق الصراع، وسط تصاعد الحرب النفسية التي تستهدف المؤسسات الوطنية، ويأتي التجاوب السريع لإعادة البث وتوحيد المبادرات التضامنية دليلاً على إرادة وطنية صلبة لا تلين أمام رصاص العدوان.